الرازي، وهو في آخر عهده بالدنيا وأول عهده بالآخرة، وهو الوقت الذي يلين فيه كلُّ قاسٍ، ويتوجَّه إلى مولاه كلُّ آبق ... إن الناس يقولون: الإنسان إذا مات انقطع تعلُّقه عن الخلق، وهذا العام مخصوص من وجهين:
الأول: أنه إن بقي منه عملٌ صالح صار ذلك سببًا للدعاء، والدعاء له أثر عند الله.
والثاني: ما يتعلق بمصالح الأطفال ... .
أما الأول، فاعلموا أني كنت رجلًا محبًّا للعلم.
(أ) فكنتُ أكتب في كل شيء شيئًا، لا أقف على كمية وكيفية، سواء كان حقًّا أو باطلًا، غثًّا أو سمينًا!
(ب) إلا أن الذي نظَّرته (نصرته! ) في الكتب المعتبرة لي: أن هذا العالم المحسوس تحت تدبير مدبِّرٍ منزَّهٍ عن مماثلة المتحيِّزات والأعراض، وموصوف بكمال القدرة والعلم والرحمة.
(ج) ولقد اختبرتُ الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية، فما رأيت فيها فائدة تساوي الفائدة التي وجدتها في القرآن العظيم؛ لأنه يسعى في تسليم العَظَمة والجلال بالكلية لله تعالى، ويمنع عن التعمُّق في إيراد المعارضات والمناقضات، وما ذاك إلا العلم بأن العقول البشرية تتلاشى وتضمحلُّ في تلك المضايق العميقة والمناهج الخفية.
(د) فلهذا أقول: كلُّ ما ثبت بالدلائل الظاهرة من وجوب وجوده، ووحدته، وبراءته عن الشركاء في القدم والأزلية، والتدبير والفعالية، فذاك هو الذي أقول به وألقى الله تعالى به. وأمَّا ما انتهى الأمر فيه إلى الدقة