للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا، والخبرُ بوقوع الأمر يتضمَّن قطعًا الخبرَ بعدم امتناعه، فكأن المخبِر أخبرَ بعدم الامتناع، واحتجَّ بمشاهدته الوقوع. ولو وجب أن يُتوقَّف عن قبولِ ظاهرِ خبرِ الثقة الأمين في مثل هذا لوجب مثلُه فيما عُلِم جوازُه عقلًا؛ لأن جوازه لا يقتضي وقوعه، وما لم يقع فالحكم بوقوعه ممتنع.

[٢/ ٢٦٨] وتفسير هذا أنه إن كان ينبغي التوقف عن حمل الخبر على ظاهره فيما إذا احتمل أن يكون ذاك الظاهر ممتنعًا لذاته، فكذلك فيما إذا احتمل أن يكون ممتنعًا لثبوت نقيضه، حتى لو كنتَ قد علمتَ أن زيدًا في بيته فأَخبر بأنه خرج منه، فإن خروجه ذلك يحتمل أن يكون ممتنعًا عقلًا لثبوت نقيضه؛ إذ يحتمل أنه لم يخرج من بيته بعد أن عهدته فيه، وإذا كان لم يخرج، فمن الممتنع عقلًا أن يكون خرج.

المتكلم: إنما فرَّقنا بين النوعين لأنه قد يحتمل في الأول أن يقوم بعد وقت الخطاب ــ ولو بمدة طويلة ــ دليلٌ على أن ذاك الظاهر ممتنع عقلًا، فيجب حينئذ صرفُ الخبر عن ظاهره، أو الاعترافُ بأن المتكلم به غير معصوم.

السلفي: إن ساغ هذا الاحتمال في الأول ساغ في الثاني، فيحتمل فيما أخبر النصُّ بأنه وقع أو سيقع في وقت كذا أن يقوم فيما يأتي دليل على خلاف ذلك. فليس هناك إلا سبيلان:

الأولى: سبيل المؤمنين أنه يستحيل عقلًا أن يكون [من] المتكلم بالقرآن أو من النبيِّ عليه الصلاة والسلام فيما يخبر به عن ربه جهلٌ أو غلطٌ أو كذبٌ أو تلبيسٌ. ففرضُ أن يقوم دليل قاطع على خلاف النص الثابت قطعًا، الصريح قطعًا، أو الظاهر قطعًا ولا قرينة معه قطعًا= فرضٌ للمستحيل.