للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثانية: سبيل ابن سينا ومن وافقه من تجويز الجهل والغلط، أو الكذب والتلبيس. {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: (٢٩)].

المتكلم: وهل كلامنا إلا في القطع؟ فهَبْ أن احتمال الامتناع العقلي لا يصلح أن يكون قرينة، فمن أين يأتي القطع؟ ومن المحتمل أن يخطئ الناظر فيعتقد أن الحديث ثابت، وليس بثابت؛ أو يعتقد صراحة الآية أو الحديث الثابت فيما فهمه، وليس كذلك؛ أو يعتقد ظهور ما ليس بظاهر؛ أو يعتقد انتفاء القرينة وهناك قرينة غفل عنها.

السلفي: سيأتي إثباتُ حصول القطع في الكلام مع الرازي والعضد. فأما الخطأ، فالخطأ في هذا الباب إنما يكون في الظن، وليس كالنظر العقلي المتعمِّق الذي يكثر فيه الغموض والاشتباه والقطع بالباطل، كما مرَّ في الباب الأول.

والنظرُ في النصوص على وجه [٢/ ٢٦٩] الإيمانِ بها والتسليمِ لها اهتداءٌ يحبُّه الله تبارك وتعالى {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [القتال: (١٧)]. والنظرُ في الشبهات التعمقيَّة على وجه الوثوقِ بها وتقديمِها على النصوص زيغٌ عن سبيل الله. {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [الصف: (٥)]. ومن الواضح أن المهتدي أهل أن يعفى عن خطائه بخلاف الزائغ.

وفوق ذلك، فكلامنا هنا إجمالي، فتتبعوا إن شئتم التفصيل، فبيِّنوا على طريق المأخذين السلفيين خطأ من أخطأ منا إن استطعتم. فأما تعمُّقكم، فقد