وعقَّب عليه المؤلف قائلًا: «إنما فرضت الإذن للأرواح فرضًا، وأوضحت أنه على فرضه فلن يكون حالها إلا كحال الملائكة، في أن تصرفها إنما يكون تنفيذًا لما يأمر الله عزَّ وجلَّ، وكما أن ثبوت ذاك التصرف للملائكة لا شبهة فيه لمن يعبدهم فكذلك الأرواح. وهذا واضح جدًّا وهو أقطع للنزاع مِن بسط الكلام في نفي التصرف البتة.
وفي «كتاب الروح» لابن القيم ما يؤخذ منه أنه يثبت للأرواح تصرفًا في الجملة، وسمعت بعض الإخوان يستعظم ذلك، كأنه يرى أن ذلك يروِّج شبهةَ دعاة الموتى. ولا أشك أن هذا لم يغب عن ذهن ابن القيم، ولكنه يعلم أن الشبهة إنما تروج إذا أثبتنا للأرواح تصرفًا بأهوائها، فأما ما كان من قبيل تصرف الملائكة فلا. وما ذكره الشيخ من انقطاع العمل حق، لكن لابن القيم أن يقول: قد تحب الأرواح أن تعمل عملًا في طاعة الله عزَّ وجلَّ تلذذًا بالطاعة كصلاة الأنبياء ليلة الإسراء ونحو ذلك، فيكون ذاك التصرف في حقِّها من جملة النعيم تلتذُّ به نفسُه ولا تثاب عليه، وعلى كل حال فإنما فرضت فرضًا، ليس فيه أدنى متشبَّث لدعاة الموتى، فتدبر».