للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تكليف لا تخشى عقوبةً على ما يقع منها، بخلاف الملائكة.

وبعض المسلمين يتردد في عصمة بعض الملائكة. والقائلون بالعصمة يقولون بالتكليف مع شدة الخشية، كما تقدم في بعض الآيات السابقة. والمشركون الذين يزعمون أن الملائكة يتصرفون بأهوائهم، يزعمون أنهم غير معصومين، بل يجعلون حالهم كحال البشر مع عظم القدرة. ويقولون: كما أن للإنسان أن يسأل إنسانًا آخر أغنى أو أقدر منه ويخضع له، فكذلك له أن يسأل الملائكة ويخضع لهم؛ لأنهم يعملون ما يشاؤون، ويشاؤون ما يهوون كالبشر، وقدرتُهم أعظم. وهذا الشرك يوجد في بعض مشركي الهند وغيرهم، وعليه كان أكثر الأمم المشركة.

أما مشركو العرب فإنهم قلَّدوا غيرهم من الأمم في الشرك العملي فقط، كما تقدم في الآيات، إلا أنهم كانوا عندما يُسألون عن ذلك يتشبَّثون بالشفاعة فقط، مع تردُّد فيها. ولما حاجَّهم القرآن لم يبق بأيديهم إلا الشغب حتى أنقذهم الله عز وجل. وبالجملة فكان شركهم يكاد يكون عمليًّا فقط. وإذا تأملنا ما وقع فيه عامةُ المسلمين في القرون المتأخرة وجدناه أشدَّ جدًّا مما كان عليه مشركو العرب. فإنا لله وإنا إليه راجعون.

وأما البشر الأحياء، فقدرتهم معروفة، ولا تكون لهم قدرة غير عادية. نعم، قد يتفق قدرة عادية غريبة، كما يقع لبعض المرتاضين والسحرة، وسيأتي الكلام فيها. فأما معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء فليست