للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيُخْتَم على فيه، فيقال لأركانه: انطقي. قال: فتَنطِق بأعماله. ثم يُخلَّى بينه وبين الكلام، فيقول: بُعدًا لكُنَّ وسُحقًا، فعَنْكُنَّ كنت أناضل».

وفي «صحيح مسلم» (١) أيضًا عن أبي هريرة قال: قالوا: يا رسول الله! هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال ... قال: «فيَلْقَى العبد فيقول: أي فُلْ ... ثم يَلْقَى الثالث، فيقول له مثل ذلك، فيقول: يا ربِّ آمنتُ بك وبكتابك وبرسلك، وصلَّيتُ وصُمْتُ وتصدَّقتُ ــ ويُثنِيْ بخير ما استطاع. فيقول: هاهنا إذًا. ثم يقال: الآن نبعث شاهدًا عليك. ويتفكر في نفسه: مَن ذا الذي يشهد عليَّ؟ فيُخْتَم على فيه، ويقال ... فتنطق فخذُه ولحمُه وعظامُه بعمله. وذلك لِيُعْذِرَ من نفسه ... ».

فالإنسان إذا رأى يوم القيامة أن الله عز وجل يُقرِّره بعمله، ولا يأخذ بمجرد علمه تعالى، يتوهم أن الإنكار ينفعه، ثم لا يرضى بشهادة الملائكة ولا الرسل، فتشهد عليه أعضاؤه، فحينئذ يظهر له ولغيره عينَ اليقين الغايةُ القصوى في عدل الله تبارك تعالى. ومع ذلك يعترف بلسانه صريحًا عند دخوله النار. قال الله تبارك وتعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى [٢/ ٣١١] إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [الزمر: ٧١].

وقال تعالى في شأن جهنم: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ


(١) رقم (٢٩٦٨).