للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥] القدرة والإرادة، فإن هذا معنى صحيح في نفسه، للعلم بأن لله تعالى قدرةً وإرادة، وأن لهما تعلقًا بخلق آدم. فإن فُرِضَ أن المراد باليدين في الآية معنى آخر، فليس في الجزم المذكور كبيرُ حرج.

فالجواب عن هذا كُلِّه يُعلَم مما تقدَّم في هذه الرسالة، وألخصه هنا بعون الله عز وجل:

قولكم: «فلا يمكن الوثوق بأن ذلك الظاهر هو المراد، إلا أن يقوم الدليل العقلي على وجوب ذاك الظاهر أو جوازه» قول باطل مردود عليكم. بل الحق أنه إن دلَّ العقل الصريح ــ الذي يصح أن يكون قرينةً بأن يكون من شأنه أن لا يخفى على المخاطب إذا تدبَّر ــ على امتناع ذاك الظاهر لم يبقَ ظاهرًا، ضرورةَ أن القرينة ركن من الكلام، وإلا كان النص برهانًا على الوقوع فضلًا عن الجواز، ضرورةَ أنه إن لم يكن كذلك كان كاذبًا، وقد قامت البراهين على استحالة أن يقع الكذب من الله تعالى ولا (١) من رسوله.

فإن قيل: لا يلزم من فرض البطلان التكذيب، لجواز تأخير بيان المجمل الذي له ظاهر.

قلت: من أهل العلم مَن يمنع تأخير البيان البتة، فعلى هذا تسقط شبهتكم من أصلها. ومن أجاز التأخير فمحلُّه في مجمل لا ظاهر له، أو له ظاهر بحسب اللفظ لكن تكون هناك قرينة صحيحة تدافع (٢) ذاك الظهور، فيبقى النص في حكم المجمل الذي لا ظاهر له. فعلى هذا إذا كان للنص ظاهر، ولا


(١) كذا في (ط): «ولا». والمعنى مفهوم من السياق، والأولى حذف «لا».
(٢) (ط): «كدافع» تحريف.