للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنها وهمية، فباطل، فإن القضايا الوهمية من شأنها أن ينكشف حالها بالنظر انكشافًا واضحًا، ومن شأن الشرع إذا كانت ماسَّةً بالدين كهذه أن يكشف عنها؛ وكِلا هذين منتفٍ.

أما الشرع فإنما جاء بتقرير هذه القضية وتثبيتها وتأكيدها بنصوص صريحة تفوق الحصر، بل أصلُ بناء الشرائع على نزول المَلَك من عند الله عز وجل بالوحي على أنبيائه.

وأما النظر، فقد اعترف الغزالي بأن أقصى ما يمكن من مخالفته لهذه القضية أنه ربما حصل الأنس بتكذيبها لمن كثرت ممارسته للأدلة العقلية ... ، ففي هذا أن تلك الأدلة كلَّها ــ فضلًا عن بعضها ــ لا تُثمِر اليقين، ولا ما يقرب منه، ولا ما يشبهه. وإنما غايتها أنه ربما حصل الأنس لمن كثرت ممارسته لها.

[٢/ ٣٥٢] وقد شرح الغزالي نفسه في «المستصفى» (ج ١ ص ٤٣) يقين النفس بقوله: «أن تتيقن وتقطع به، وينضاف إليه قطع ثان، وهو أن تقطع بأن قَطْعَها به صحيح، وتتيقن بأن يقينها فيه لا يمكن أن يكون به سهو ولا غلط ولا التباس؛ فلا يجوز الغلط في يقينها الأول، ولا في يقينها الثاني، ويكون صحة يقينها الثاني كصحة يقينها الأول، بل تكون مطمئنة آمنة من الخطأ؛ بل حيث لو حُكي لها عن نبي من الأنبياء أنه أقام معجزةً وادعى ما يناقضها، فلا تتوقف في تكذيب الناقل، بل تقطع بأنه كاذب، أو تقطع بأن القائل ليس بنبيّ، وأن ما ظن أنَّه معجزة فهي مخرقة، فلا يؤثر هذا في تشكيكها، بل تضحك من قائله وناقله. وإن خطر ببالها إمكانُ أن يكون الله قد أطْلعَ نبيًّا على سرٍّ به انكشف له نقيضُ اعتقادها، فليس اعتقادها يقينًا. مثاله قولنا: الثلاثة أقل من الستة ... ».