للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويكون النقص عن مرتبة اليقين كفرًا».

أقول: تفاوت الإيمان القلبي ثابت نقلًا ونظرًا.

أما النقل فمعروف، وقد تقدمت الإشارة إلى حديث الخروج من النار.

وأما النظر فإن الإنسان إذا قارن بين اعتقاده أن الثلاثة من حيث العددية أقل من الستة وبين اعتقاداته الدينية التي يجزم أنه موقن بها بَانَ له الفرق. فإن أحبَّ الكوثريُّ فليحكم على نفسه وعلى جمهور الناس بعدم الإيمان، وإن أحبَّ فليُثبِتْ ما نفاه. وقد صرَّح النظار بأن اليقين يتفاوت قوةً وضعفًا كما تراه في «المواقف» (١) وغيرها.

وفي «فتح الباري» (٢): «قال الشيخ محيي الدين (٣): «الأظهر المختار أن التصديق يزيد وينقص بكثرة النظر ووضوح الأدلة. ولهذا كان إيمان الصدِّيق أقوى من إيمان غيره بحيث لا تعتريه الشبهة». ويؤيده أن كل أحد يعلم أن ما في قلبه يتفاضل حتى إنه يكون في بعض الأحيان أعظم يقينًا وإخلاصًا وتوكلًا منه في بعضها، وكذلك في التصديق والمعرفة بحسب ظهور البراهين وكثرتها. وقد نقل محمد بن نصر المروزي في كتابه: «تعظيم قدر الصلاة» عن جماعة من الأئمة نحوَ ذلك».

فإن أحبَّ الكوثريُّ فليحكم على نفسه وعلى جمهور الناس أن أحدهم


(١) موقف ٦ مرصد ٣ مقصد ٢. [المؤلف]. يراجع (ص ٣٨٨) منه.
(٢) (١/ ٤٦، ٤٧).
(٣) محيي الدين كأنه النووي الفقيه الشافعي شارح «صحيح مسلم» رحمه الله تعالى، وليس المراد به محيي الدين بن عربي الحاتمي المتصوف فذاك له مجال آخر. [م ع].
هو النووي قطعًا. [المؤلف]. والنص في «شرح صحيح مسلم» له (١/ ١٤٨).