للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يختلف حاله في حياته، فيكون تارة مؤمنًا وتارة غيرَ مؤمن! وإن أحبَّ فَلْيُثبِتْ ما نفاه.

[٢/ ٣٦٨] وفي «صحيح مسلم» (١) وغيره قصة أبي بن كعب رضي الله عنه في اختلاف القراءة. وفيها قوله: «فسُقِطَ في نفسي من التكذيب ولا إذ كنتُ في الجاهلية، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما قد غشيني ضرَبَ في صدري، ففِضْتُ عَرَقًا، وكأنما أنظر إلى الله فَرَقًا ... ». ولا يرتاب عاقل أن إيمان هذا الصحابي الجليل عند تلك الغشية دون إيمانه قبلها وبعدها. وقد عرض لعمر بن الخطاب وغيره في قصة الحديبية ما يشبه ذلك (٢). وفي حديث الرجل الذي قاتل مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أشدّ القتال، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «هو من أهل النار»، فكاد بعض الناس يرتاب (٣).

ولا يرتاب عاقل أن المؤمنين يتفاوتون في التقوى تفاوتًا عظيمًا، وأعظم أسباب ذلك تفاوتهم في اليقين، فإننا نرى أحوالهم في اتقاء الضرر الدنيوي لا يتفاوت ذاك التفاوت. بل إنك تجد من نفسك أنه قد يقوى اعتقادك فترغب نفسك في الطاعة وعن المعصية، وقد يضعف فتتهاون بذلك. وكذلك تجد ذلك عندما تطلع على الأدلة أو الشبهات، فقد يقف العالم على عدة نصوص من الكتاب والسنة فيتبيَّن له أن بعضها يصدِّق بعضًا، وقد يتراءى له أنها تتناقض. وقد يرى نصوصًا في العقائد، فيتبين له أن العقل موافق لها وقد


(١) رقم (٨٢٠).
(٢) انظر «صحيح البخاري» (٢٧٣١، ٢٧٣٢).
(٣) أخرجه البخاري (٣٠٦٢) ومسلم (١١١) من حديث أبي هريرة.