للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثانية: اعتقادك أنك جازم بكل واحد من تلك الأمور الجزمَ الكافي عند الله عز وجل.

الثالثة: اعتقادك أنك وافٍ بجميع الأمور الضرورية للإيمان في نفس الأمر، من اعتقاد وقول وفعل وترك.

فمن قيل له: أمؤمن أنت؟ فقال: أرجو، أو: إن شاء الله؛ فهذا يتعلق بالقضية الثالثة كما لا يخفى. ولا يجب تعلقه بالثانية، فأما الأولى فبعيد عنها.

وقد دلَّت آيات الحجرات السابقة على أن المؤمن قد يزول إيمانه وهو لا يشعر، فكيف يسوغ ذلك مع هذا (١) أن تجزم بالقضية الثالثة فتقول: أنا عبد الله مؤمن حقًّا؟ اللهم إلا أن تريد بالإيمان معنى خاصًّا، كمجرد النطق بالشهادتين، أو مجرد الاعتراف اللساني بربوبية الله عز وجل.

وتدبَّرْ آيات الحجرات، وتأمَّلْ معاملتك للنصوص الشرعية التي تخالفها في العقائد والإيمان والفقه زاعمًا أنك تخالف ظواهرها، وأنعِمِ النظرَ في ذلك، ألا تخشى أن يكون في معاملتك لها ما هو تقديمٌ بين يدي الله ورسوله، ورفعٌ لصوتك خلاف صوته، وجهرٌ له بالقول كما تجهر لمخالفيك ودون جهرك لأئمتك في الكلام والفقه بكثير؟ !

وتدبَّرْ قوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} إلى قوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} إلى قوله: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ


(١) كذا في (ط). ولعل «ذلك» زائدة، وفاعل «يسوغ»: «أن تجزم».