للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد اختلف الفقهاء في كثير من أحكام الصلاة، فلعل كثيرًا من صلواتك يقول بعض مخالفيك: إنها باطلة، فلعلك غير معذور في مخالفته، فيكون حكمُك حكمَ مَن ترك تلك الصلوات. ولعل فيما تُسامِح نفسَك بتركه ما يكون فريضةً في نفس الأمر، وفيما تُسامِح نفسَك بفعله ما يكون كبيرةً في نفس الأمر، ولعلك لا تستحق عذر الجاهل أو المخطئ.

وأشدُّ من ذلك أن رأس أمور الإيمان شهادة أن لا إله إلا الله، فهل حقَّقْتَ معنى الألوهية؟ أفلا تخشى أن يكون في اعتقاداتك وأعمالك ما هو تأليهٌ وعبادة لغير الله عز وجل، وقد قال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: ١٠٦] وقال سبحانه: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: ٣١]؟

وفي الحديث: «اتقو الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل» (١). ذكرتُ طرقه في كتاب «العبادة» (٢)، وأوضحت أنه على ظاهره. وبسطُ هذا المطلب في ذاك الكتاب.

وبالجملة، فمن تدبَّر علِمَ أنه لا يمكنه أن يجزم غير مجازف أنه عند الله مؤمن حقًّا إلا أن يريد بقوله «مؤمن» معنى ناطق بالشهادتين وإن لم يعرف


(١) أخرجه أحمد في «مسنده» (١٩٦٠٦) وابن أبي شيبة في «المصنّف» (١٠/ ٣٣٧، ٣٣٨) والطبراني في «الأوسط» (٣٥٠٣) من حديث أبي موسى الأشعري، وفي إسناده أبو علي رجل من بني كاهل مجهول، ولم يوثقه غير ابن حبّان. وفي الباب عن أبي بكر الصديق وعائشة وابن عباس رضي الله عنهم، انظر تعليق «المسند» (١٩٦٠٦) و «إتحاف السادة المتقين» (٨/ ٢٨١).
(٢) (ص ١٤٣ وما بعدها).