للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدالة على أنه سبحانه ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا، وأنه يجيء يوم القيامة، وغير ذلك مما خالفتَ فيه السلفيين، ثم تأمَّلْ في جزمك بأن محمدًا رسول الله صادقٌ في كلِّ ما أخبر به عن الله، واستحضِرْ ما تقدَّم عن أئمتك في مسألة الجهة وفي الباب الثالث= فإنْ زعمتَ أنك جازم، فوازنْ بين ذيَّاك الجزم وبين جزمك بأن الثلاثة أقل من الستة.

وانظر ــ إن كنت فقيهًا ــ في الأحاديث التي اشتهر أن إمامك يخالفها، وتفكَّرْ فيما تعاملها به، وانظر هل تقع منك تلك المعاملة وأنت جازم بأن محمدًا رسول الله صادقٌ في كُلِّ ما أخبر به عن الله، وأنك محكِّم له فيما وقع فيه الاختلاف، مسلِّم لحكمه تسليمًا لا تجد في نفسك حرجًا مما قضى؟

وانظر، وانظر، وأعمُّ [من] ذلك أن تنظر في عملك أعَمَلُ من يوقن بأن محمدًا رسول الله [٢/ ٣٧٨] صادقٌ في كل ما أخبر به من التكليف والحساب والجزاء والجنة والنار؟ وهل عملُك مساوٍ أو مقاربٌ لعمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأفاضل أصحابه وخيار التابعين؟

وأما القضية الثالثة: فإنك إن تدبرتَ وجدتَ شأنها أوضح، فإن الأمة اختلفت في أمور الإيمان، فمن الناس من يشترط الجزم بثبوت بعض ما تنفيه أنت أو ينفي بعض ما تُثبته، أو يعدُّ منها ما لا تعدّه.

ومن أهل السنة من يشترط المحافظة على الصلوات المكتوبة، والمعتزلة والخوارج يشترطون المحافظة على الفرائض والسلامة من الكبائر، وليس جزمُك بخطأ هؤلاء في جميع ما يخالفونك فيه كجزمك بأن الثلاثة أقل من الستة. أفلا تخشى أن يكون من أقوالهم ما هو حق في نفس الأمر، وتكون أنت مقصِّرًا تقصيرًا لا تُعذَر فيه؟ !