للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له: أنسخنيها. فكأنه بَخِل بها، ثم وعدني أن يعطينيها، فأتيت عبد الله فإذا هي بين يديه، فقال: إن ما في هذا الكتاب بدعة وفتنة وضلالة ... أَقْسَم لو أنها ذُكِرت له بدار الهند (كذا) (١) ــ أراه يعني مكانًا بالكوفة بعيدًا ــ إلا أتيته ولو مشيًا». لا ريب أنه لم يكن في الصحيفة تلك الكلمات فقط وإلا لَمَا طلب استنساخَها؛ لأنه قد حفظها فيمكنه أن يكتبها إن شاء من حفظه.

وعند الدارميّ (٢) قصة أخرى تُفَسِّر لنا هذه، ذكرها في باب كراهية أخذ الرأي، وفيها: إن قومًا تحلَّقوا في المسجد «في كلِّ حَلْقة رجل وفي أيديهم حصى، فيقول: كَبّروا مائة، فيكبرون. فيقول: هللوا مائة فيهللون ... » وذَكَر إنكار ابن مسعود عليهم. فكأنه [ص ٢٧] كان في تلك الصحيفة وصف طريقة للذكر بتلك الكلمات ونحوها بعددٍ مخصوص وهيأةٍ مخصوصة، كما يبيّنه قول ابن مسعود: «إن ما في الكتاب بدعة وفتنة وضلالة».

وقد ذكر الدارميّ (٣) رواية أخرى في صحيفة جيء بها من الشام فمحاها ابن مسعود. وفيها: «فقال مُرّة [ابن شراحيل الهَمْداني أحد كبار أصحاب ابن مسعود]: أما إنه لوكان من القرآن أو السنة لم يمحه، ولكن كان من كتب أهل الكتاب».

ثم قال أبو ريَّة ص ٢٥: (وهناك غير ذلك أخبار كثيرة ... ).


(١) كذا كَتب المؤلف استشكالًا للكلمة. والذي في طبعة دار المغني ــ تحقيق حسين أسد: «بدَيْرٍ لهندٍ» وهو الصواب، و «دير هند» يطلق على عدة أماكن. انظر «معجم البلدان»: (٢/ ٥٤١).
(٢) (٢١٠).
(٣) (٤٩٤).