للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: ذكر ابن عبد البر (١) عن مالك: «أن عمر أراد أن يكتب الأحاديث أو كتبها ثم قال: لا كتاب مع كتاب الله». وهذا معضل، وقد مرَّت رواية عروة عن عمر وبيان وجهها.

وذكر عن أبي بُردة بن أبي موسى أنه كتب من حديث أبيه، فعَلِمَه أبوه فدعا بالكتاب فمحاه. وقد أخرج الدارميّ نحوه ثم أخرج عن أبي بُردة عن أبيه: «أن بني إسرائيل كتبوا كتابًا فتَبِعوه وتركوا التوراة» وهذا كما مرَّ عن عمر.

وذَكَر عن أبي نضرة قال: «قيل لأبي سعيد [الخدري]: لو أَكْتَبتنا الحديثَ فقال: لا نُكْتِبكُم، خذوا عنّا كما أخذنا عن نبينا - صلى الله عليه وسلم -. ثم ذكره من وَجْهٍ آخر في سنده مَنْ لم أعرفه وفيه: «أتريدون أن تجعلوها مصاحف». ثم من وَجْهٍ ثالث بنحوه. وهذا من أبي سعيد بمعنى ما مرَّ عن عمر وأبي موسى.

وذَكَر عن سعيد بن جبير قال: «كنا نختلف في أشياء، فكتبتها في كتاب، ثم أتيتُ بها ابن عمر أسأله عنها خفيًّا، فلو عَلِم بها كانت الفيصل بيني وبينه». وفي رواية: «كتب إليَّ أهل الكوفة مسائل ألقى بها ابن عمر، فلقيته فسألته عن الكتاب، ولو علم أن معي كتابًا لكانت الفيصل بيني وبينه». وهذا ليس مما نحن فيه إنما هو باب كراهية الصحابة أن تُكْتب فتاواهم وما يقولونه برأيهم.

وذَكَر عن ابن عباس أنه قال: «إنا لا نَكْتُبُ العلم ولا نُكْتِبه». وقد ذَكَر (٢)


(١) انظر هذه الآثار وغيرها في «جامع بيان العلم»: (١/ ٢٧٢ ــ ٢٨٣).
(٢) أي ابن عبد البر في «الجامع»: (١/ ٣١٦).