للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليّ تقتضي الطعنَ فيه والبراءةَ منه، وجعل لهم في ذلك جُعْلًا، فاختلقوا ما أرضاه، منهم أبو هريرة، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، ومن التابعين عُروة بن الزبير).

أقول: قد تقدم النظر في ابن أبي (١) الحديد والإسكافي (ص ١٠٩) (٢)، وهذه التهمة باطلة قطعًا، فأبو هريرة والمغيرة وعمرو ومعاوية صحابيون، وكلُّهم عند أهل السنة عدول، ثم كانت الدولة لبني أمية، فلو كان هؤلاء يستحلّون الكذبَ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في عَيب عليٍّ لامتلأ «الصحيحان» فضلاً عن غيرهما بِعَيبه وذمِّه وشَتْمه، فما بالنا لا نجد عن هؤلاء حديثًا صحيحًا ظاهرًا في عيب عليٍّ ولا في فضل معاوية؟ راجع (ص ٦٤) (٣).

وعروةُ من كبار التابعين الثقات عند أهل السنة، لا نجد عنه خبرًا صحيحًا في عيب عليّ. فأما الأكاذيب الموضوعات فلا دخل لها في الحساب، على أنك تجدها تُنْسَب إلى هؤلاء وغيرهم في إطراء عليّ أكثر جدًّا منها في الغضّ منه.

قال: (وروى الأعمش قال: لما قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة جاء إلى مسجد الكوفة، فلما رأى كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبتيه ثم ضرب صلعته مرارًا وقال: يا أهل العراق! أتزعمون أني أكذب على الله وعلى رسوله وأحرق نفسي بالنار؟ والله لقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن لكل نبي حَرَمًا، وإن حرمي المدينة ما بين عَيْر إلى ثَوْر، فمن أحدث فيها حدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. وأشهد بالله أن عليًّا أحدث فيها» فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاه إمارة المدينة).


(١) «أبي» سقطت من (ط).
(٢) (ص ٢١٠ ــ ٢١١).
(٣) (ص ١٢٥ ــ ١٢٦).