للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبين الواقعة رجلان أو ثلاثة فمَنْ هم؟ يظهر أن هذا تركيب من بعض الجَهَلة بالرواة وتاريخهم، ولهذا ترى الإسكافي وأضرابه يُغَطُّون على جَهَلة مَن يأخذون عنه مفترياتهم بترك الإسناد، ويكتفون بالتناوش مِن مكان بعيد. ثم لو صحّ الخبر لكان فيه براءة لأبي هريرة (وهو بريء على كلِّ حال) فإنه لم يستجز كتمان الحديث في فضل عليّ رضي الله عنه فكيف يتوهّم عليه ما هو أشدّ؟

أما الموالاة فأيُّ موالاة كانت منه؟ سلَّم الحسنُ بن عليّ الأمرَ لمعاوية، وبايعه هو وإخوته وبنو عمه وسائر بني هاشم والمسلمون كلّهم وأبو هريرة.

ثم ذكر أبورية شيئًا من فضائل عليِّ رضي الله عنه، ولا نزاع في ذلك، وقد جاء عن أبي هريرة أحاديثُ كثيرة في فضائل أهل البيت تراها في «خصائص عليّ» (١) و «المستدرك» (٢) وغيرهما، ولو لم يكن له إلا قصَّته عند وفاة الحسن بن علي؛ كان الحسن قد استأذن عائشة أن يُدْفَن مع جدِّه النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فأذنت، فلما مات قام مروان ومن معه من بني أمية في منع ذلك، فثار أبو هريرة وجعل يقول: أتنفسون على ابن نبيّكم بتربة تدفنونه فيها، وقد سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من أحبَّهما فقد أحبَّني ومن أبغضهما فقد أبغضني» (انظر «المستدرك» ١٧١: ٣) (٣). وجرى له يومئذ مع مروان ما جرى مما تقدم بعضه (ص ١٤٩) (٤) وباقيه في «البداية» (١٠٨: ٨) (٥).


(١) ضمن «السنن الكبرى»: (٧/ ٤٠٧ ــ ٤٨٣) للنسائي.
(٢) (٣/ ١٠٧ ــ ١٤٦).
(٣) وقع في (ط): (٧١) خطأ.
(٤) (ص ٢٨٦).
(٥) (١١/ ٣٧٤).