وقد روى الحديثَ غير البخاري وصرّح فيه بإذن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو، وجاء في ذلك حديث عن عبد الله بن عمرو. راجع "فتح الباري"(١) كتاب العلم، باب كتابة الحديث، و"المستدرك"(١/ ١٠٤) فما بعدها، ومسند أحمد بتحقيق العلَّامة أحمد محمد شاكر، تعليقه على الحديث (٦٥١٠).
وقد قال أبو ريّة نفسه في حاشيته ص ٢٣:(أملى النبي - صلى الله عليه وسلم - كُتبًا في الشرائع والأحكام ... ولا يتعدّى ما كُتب عن الرسول في عصره عشر صفحات ... ).
كذا قال! والمشهور في صحيفة عبد الله بن عمرو أنها كبيرة، وكان يعتزّ بها، ويسمّيها "الصادقة" تمييزًا لها عن أخرى كانت عنده عن أهل الكتاب.
* * * *
[ص ٦] لماذا لم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بكتابة الحديث
نقل أبو ريَّة عن بعضهم أن ذلك تنبيه على أنها ليست من الدين العام، وفي كلامه ما يدلُّ أن الدين العام عنده هو السنن العَمَلية المتواترة؛ ككون الصلوات خمسًا، والصبحِ ركعتين، والمغربِ ثلاثًا، وغير ذلك. ويضيف إليها ما كانت دلالته قطعيةً من القرآن، على فرض وجوده؛ لأنه عاد فنقل عن بعضهم أن النصوص اللفظية مطلقًا لا تفيد إلا الظن.
فيقال له: لم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بكتابة السنن المتواترة مع أنها من الدين العام عندك، وأمر بكتابة القرآن كله مع أن بعضه أو كلَّه ليس بحسب دلالته