للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو بظاهره مخالف لحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جهر بالقراءة في صلاة الكسوف (١).

وقد أخرج البيهقي في "السنن" (٣/ ٣٣٥) من حديث ابن عباس: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى صلاة الكسوف، فلم نسمع له صوتًا".

وعَضَده بحديث "الصحيحين" (٢) عن ابن عباس، وفيه: "فقام قيامًا طويلًا بنحو من سورة البقرة".

وقال: "قال الشافعي: في هذا دليل على أنه لم يسمع ما قرأ؛ لأنه لو سمعه لم يقدره بغيره".

ثم أخرج من حديث عائشة، وفيه: "فحزرت قراءته، فرأيت أنه قرأ سورة البقرة".

وليس في هذا كله ما يقاوم نصّ حديث "الصحيحين" على الجهر.

ولكن الذي يظهر لي أن ابن عباس وسمرة كانا في أواخر الناس، وكأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم غلبه الخشوعُ، والنظرُ فيما مُثِّل له في صلاته من الجنة والنار وغيرهما، فلم يرفع صوتَه. وعلى هذا يُحْمل ما روي عن عائشة من قولها: "فحَزَرْت قراءته".

وعلى هذا، فلا منافاة بين الجهر وبين عدم سماع من ذُكِر.

وقد روى الإمام أحمد في "المسند" (٣) (١/ ٢٩٣) حديث ابن عباس


(١) أخرجه البخاري رقم (١٠٦٥)، ومسلم رقم (٩٠١).
(٢) أخرجه البخاري رقم (١٠٥٢)، ومسلم رقم (٩٠٧).
(٣) رقم (٢٦٧٣، ٢٦٧٤).