قلت: قال ابن حبان: روى عنه أهل المدينة. فإن كان أراد بهذا الإطلاق ابنَ أبي ذئب، فهو محتمل، وإن كان مراده ظاهر اللفظ، فشاذ».
أقول: من أمعن النظر في كتاب «الثقات» عرف أن ابن حبان كثيرًا ما يتسامح في مثل هذا، فإني راجعته وكتابَ ابنِ أبي حاتم كثيرًا لتصحيح «التاريخ الكبير» للبخاري رحمه الله، فوجدتُ البخاريّ كثيرًا ما يذكر ترجمة الرجل، ولا يذكر عمن روى، ولا من روى عنه. ففي كثير من ذلك يترك ابن أبي حاتم بياضًا، فيقول: روى عن (بياض). روى عنه (بياض). سمعت أبي يقول ذلك. أما ابن حبان؛ فيقول: يروي المراسيل. روى عنه أهل بلده. وقِس على هذا.
ولم أجد الجزء الذي فيه باب عبد الله من «تاريخ البخاري»(١). والله أعلم.
ولعل ابن حبان يتأوّل فيما يقول أن المسلم في تلك الأعصار لا بد أن يبلغه أحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فيذكرها في محاورته مرسِلًا لها، ويسمعُه بعضُ أهل بلده، وربما يحكونها عنه. وبذلك يكون قد روى مراسيل، وروى عنه أهل بلده! والله المستعان.
(١) لأن الجزأين الخامس والسادس من التاريخ تأخر طبعهما عن بقية الأجزاء فلم يطبعا إلا في سنة ١٣٧٧ - ١٣٧٨، أما باقي الأجزاء فإنها طبعت بين سنتي ١٣٦٠ - ١٣٦٤. فالظاهر أن تأليف هذا الكتاب كان بين سنتي ١٣٦٤ - ١٣٧٥ قبل طباعة الجزأين الخامس والسادس، ويقع فيهما حرف العين الذي أشار إليه المؤلف، والله أعلم. وقد أشار المؤلف إلى نحو ذلك في حواشي تحقيقه لـ «لموضح لأوهام الجمع والتفريق» للخطيب كما في: (١/ ١٥٦، ١٦٠). وترجمة عبد الله بن السائب في التاريخ الكبير: (٥/ ١٠٣).