للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: أما الحديث، فلفظه عند أبي داود (١): «لا يأخذنَّ أحدُكم متاعَ أخيه لاعبًا جادًّا (وفي رواية: لعبًا ولا جدًّا)، من أخذ عصا أخيه فليردّها».

وأخرج (٢) له شاهدًا من طريق الأعمش: عن عبد الله بن يسار، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم: أنهم كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فنام رجل منهم، فانطلق بعضهم إلى حبل معه، فأخذه، ففزع، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يحلّ لمسلم أن يروِّع مسلمًا».

وفي «نهاية ابن الأثير» (٣): «لاعبًا جادًّا: أي لا يأخذه على سبيل الهزل، ثم يحبسه، فيصير ذلك جدًّا».

أقول: ظاهر الحديث مقارنة اللعب والجد للأخذ، فالأولى أن يقال: لاعبًا من جهة أنه لا يريد سرقته، بل يريد أن يرده إليه. وجادًّا من جهة قصده ترويعه، والشق عليه.

فعلى هذا، إذا كان يرى أن المأخوذ متاعه لا يرتاع، ولا يشق عليه، لجريان العادة بين الرفقة بالمزاح ــ مثلًا ــ، فلا يدخل في النهي، ولكن يحرم (٤) الكذب، فلا يقول الآخذ: لم آخذه، مثلًا.


(١) (٥٠٠٣).
(٢) (٥٠٠٤).
(٣) (١/ ٢٤٥).
(٤) كان المؤلف قد كتب: «ولكن يجب أن لا» ثم كتب «يحرم» وضرب على «أن لا» , وسها عن الضرب على «يجب».