للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنكارة في هذا الحديث من جهة تفرد عبد الملك عن عطاء؛ مع أن عطاء عُمِّر دهرًا، وكان متصدِّرًا للتحديث والإفتاء، والشفعةُ مما يكثر السؤال عنه والحاجة إلى الفتوى فيه.

ولعطاء أصحاب أكثر لزومًا له وحديثًا عنه من عبد الملك، ومنهم فقهاء يحتاجون إلى مثل هذا.

[ص ٨٣] وأكد ذلك: أنه لم يُرْو هذا الحديث عن جابر أيضًا، مع أن لجابر عدة أصحاب لازموه، وبعضهم كتب عنه.

فأما النكارة من جهة المعنى؛ فقد دفعها بعضهم: بأن حديث مَعْمر عن جابر موافق لحديث عبد الملك بمفهومه، لقوله: «فإذا حُدّت الحدود وصُرِّفت الطرق».

هذا، وإنما شدّد شُعبةُ والقطان على عبد الملك في هذا الحديث؛ لأنه لم يعرف له وجهٌ يحمل فيه على الخطأ، فلو عُرِف وجهٌ تتبينُ به مظنة الخطأ، لما شددوا عليه (١).

وتفسير هذا: أن هناك ثلاثة احتمالات:

الأول: أن يكون الحديث صحيحًا، واتفق ما ذُكِر من التفرد على خلاف العادة الغالبة.

الثاني: أن يكون عبد الملك أخطأ.


(١) انظر مقدمة المصنّف على «الفوائد المجموعة» للشوكاني، فقد ذكر هذا الحديث مثالًا على ما يعلّه الأئمة بعلة ليست بقادحةٍ مطلقًا، لكنهم يرونها كافية للقدح في ذاك المنكر، وإن كان ظاهر السند الصحة.