للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله أنزل رعبًا في قلوبهمُ ... إذْ شاهدوا أسدًا كالبدر قد وضحا

فأصبحوا يبذلون المال لا طمعًا ... يدري بذا كل من نحو الهدى جنحا

وكيف يطمعهم بيض الأنوق وهم ... مميزون ولكن جلَّ من منحا

هذا الإمام الذي فاضت أنامله ... جودًا عميمًا كموج البحر ما برحا

هذا هو الكف والناس الجميع عصا ... هذا هو القطب والكون البديع رحا

أقامه الله روحًا للعباد كما ... قلوبهم ردها المولى له شبحا

وقد نطقتُ بحق سوف ينكره ... قوم يقولون هذا المعتدي شطحا

والله يعلم أني لم أقل كذبًا ... فقبَّح الله من في كذبه سبحا

هذا جواب عليهم قبل قولهمُ ... لا فاز أكذبنا (١) قولا ولا برحا

ودام للصادق الخيرُ الجزيل ولا ... عَدَتْه أيدي الندى أنَّى أتى ونحا

فلا برحتَ بخير والصلاةُ على ... محمد وسلام الله لا برحا

والآل والصحب والتُّبّاع قاطبةً ... لا زال يُتلى عليكم بكرةً وضحى (٢)

وكما كان الشيخ معظِّمًا للإدريسي، فقد كان الإدريسي أيضًا معظِّمًا للشيخ مجلًّا له، بحيث ولَّاه رئاسة القضاء وهو دون الثلاثين، وفوّضه الرد على مكاتبات الرؤساء والملوك، ولقبّه بشيخ الإسلام، وأذن له بالدخول عليه في أية ساعة يشاء بدون إذن من رئيس الحرس، حتى صار من كبار رجال الدولة وأقرب مستشاري الإدريسي.

هذه العلاقة القوية ربما أوغرت بعض الصدور على الشيخ، فلم يسلم


(١) في "تاريخ المخلاف": "كذابنا".
(٢) الأبيات الثلاثة الأخيرة ليست في "تاريخ المخلاف".