وعن القدرة، كالمتعدِّي بِسُكْرِه يؤاخَذُ بما يقع منه، وسيأتي توجيه ذلك في المختوم على قلبه.
[ز ٥٢] ومَنْ أَدْرَكَ آباءه على الكفر ثم نُبِّهَ على ذلك كان عليه أن يبحث وينظر ويحقِّق، وهذا لا يشقُّ عليه مشقَّة تُذْكَر، فلو قام به لهداه الله تعالى فعرف بطلان دينهم وأن البقاء عليه مُوجِبٌ لغضب الجبار والخلود في عذاب النار، وإذًا لهان عليه ترك دينهم بل لما استطاع البقاء عليه.
والعاشق قد كان عليه أن يسعى في تقوية إيمانه وتحصيل الإيقان بأنَّ ربَّه عزَّ وجلَّ معه أبدًا، وأن الكرام الكاتبين لا يفارقونه، ودوام استحضار ذلك، ولو قام بهذا لما شقَّ عليه تركُ الزنا؛ فإننا نعلم أنه لو كان حين صادف معشوقته يرى أن إنسانًا ينظر إليهما ويخاف أن يحقره ويمقته ويُفْشِيَ سرَّه ويسيء سمعته لمنعه ذلك من مقاربتها، بل لو قيل لَما استطاع أن يقع بها لم يَبْعُد.
ومُدْمِن الخمر لو قَوِيَ إيمانه لصحَّ عزمُه على تركها، وإذًا لهان عليه تركُها، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يعتادون شربها فلما حُرِّمَتْ أعرضوا عنها البتَّة، وهكذا عامَّة مَنْ أسلم بعد تحريمها. وإنما يشقُّ تركها على مَنْ لم يصحَّ عزمه فتبقى نفسه تنازعه إليها، وعن ذلك يكون تضرُّره في بدنه إن صدق الأطباء، فأما مَنْ صَحَّ عزمه فبإذن الله تعالى لا ينالُه إلا كلُّ خيرٍ.
هذا، والمشقَّة في تلك الأمثلة ونحوها وإن لم يعتدَّ بها الشارع في رفع التكليف فقد اعتدّ بها إلى حدٍّ ما من جهة أخرى، أما من نشأ على كفر آبائه فخَفَّفَ عنه بقبول العهد والذمَّة والأمان ولم يشدِّدْ عليه كما شدَّد على مَن