ويقول في آخر رسالته في عدم إدراك الركعة بإدراك الركوع:"لا يُنكَر أن للقول بالإدراك قوَّةً مَّا لذهاب الجمهور إليه، فلا لومَ على مَن قوِي عنده جدًّا فقال به. فأما أنا فلا أرى له تلك القوة، والأصل بقاء النصوص على عمومها".
ويقول في قيام رمضان:"أما الحدّ المحتَّم فلا، وأما الأفضل فالاقتصار على الإحدى عشرة، وفي بعض الليالي ثلاث عشرة، إلا إذا شقَّ عليهم إطالتها حتى يستغرق الوقتَ الأفضل، فلهم أن يزيدوا في العدد، على حسب ما يخفُّ عليهم، وعلى هذا جرى عمل السلف".
وبمثل هذه الآراء النيِّرة يُنهي كتاباته في المسائل الخلافية، فهو مع ترجيحه لرأي معيَّن يجعل الأمر واسعًا، فلا يتعصب لمذهب ولا يتشدد في الدفاع عنه. وقد كانت نشأة الشيخ على المذهب الشافعي، وله اطلاع واسع على نصوص الإمام الشافعي في كتاب "الأم"، وأقوال الشافعية في كتب الفقه، إلّا أن ذلك لم يمنعه من مناقشة الإمام وأصحابه في بعض المسائل، مثل سنة الجمعة القبلية، حيث خالف المذهب وناقش الأصحاب، وردّ على جميع ما استدلوا به. وقال في آخره: "مَن كان منكم يحبُّ ثبوتها انتصارًا لمن أثبتها من العلماء فهذا غرض آخر، ليس من الدين في شيء. والعلماء مأجورون على كل حال، وليس في المخالفة لهم تبعًا للدليل غضاضةٌ عليهم، إذ ليس منهم من يُبرِّئ نفسَه عن الخطأ ويدَّعي لنفسه العصمة. ومَن كان منكم يحبُّ ثبوتها لكونه من المقلدين للمذهب القائل بثبوتها، فهذا لا ينبغي له أن يُعوِّل على ثبوتها من حيث الدليل وعدمه، لأنه مقلِّد لا يَسأل عن حجة، ولا يُسأل عن حجة، فهو ملتزم لقول من قلَّده. فإن تاقت نفسُه إلى