النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحج" و"مسألة منع بيع الأحرار" نعرف سعة اطلاعه على كتب التاريخ والتفسير واللغة والفقه وغيرها، وقد مكَّنه الاشتغال بتحقيق الكتب والعمل في المكتبة من الاطلاع على أغلب ما وصل إلينا من كتب التراث، يأخذ منها ما يشاء ويدع ما يشاء مع التنبيه على ما فيها من أوهام وأخطاء.
ويميل الشيخ كثيرًا إلى أسلوب الحوار والمناقشة، لتوضيح بعض المسائل والردّ على بعض الشبه والإشكالات، وقد ألَّف بعض رسائله بصورة أسئلة وأجوبة، ومنها في هذه المجموعة أسئلة وأجوبة في المعاملات، بسّط فيها مسائل البيوع وسهَّلها، وهي من أكثر الأبواب الفقهية تعقيدًا وصعوبةً.
وكان للشيخ خبرةٌ في القضاء عدة سنوات، فاستطاع بذلك أن ينقد بعض الأحكام التي صدرت من أحد القضاة، ويبيِّن ما فيها من خللٍ من الناحية القضائية، ومخالفةٍ لحكم الشريعة، كما في الرسالتين (٢٤، ٣٣) ضمن هذه المجموعة. وكذلك في مسألة منع بيع الأحرار انتقد صنيع القضاة في الحكم بالرق على شخص دون النظر في ذلك من جميع الجوانب، وردَّ على أولئك الذين توهَّموا من بعض النصوص في كتب الفقه تأييدًا لمطلبهم، وعكَف على هذه الكتب واستخرج منها نصوصًا كثيرة من أبواب مختلفة تُؤيّد ما ذهب إليه، وبيَّن بعض أحكام الرقّ في الشريعة بتفصيل.
وقد ظهر لي في أثناء تحقيق هذه الرسائل أن الشيخ لا يُصرِّح غالبًا باسم الشخص المردود عليه من المعاصرين، فينقل كلامه ويناقشه دون أن يجرح شخصه أو يفضحه، وإذا ذكر اسمه ذكره بكل ثناء وتبجيل دون تشهير وتجهيل، وهذه عادة مطّردة للشيخ في سائر مؤلفاته مع جميع المعاصرين له