للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُشعِر بأن تحديده غير مقصود شرعًا، وإلّا لكان أولى بالتحديد من عرفات ومزدلفة ومنى، وقد ورد في تحديدها ما ورد.

فهل يبقى المسعى كما هو وقد ضاق بالساعين وأضرَّ بهم؟ أم ينبغي توسعته؟ لأن المقصود هو السعي بين الصفا والمروة، وهو حاصل في المقدار الذي يوسع به هذا الشارع. نقل المؤلف بعض النصوص من كتب الفقه للدلالة على أن السعي كالطواف، وكما أن المكان الذي يختص به الطواف لا يقتصر على ما كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد وُسِّع المسجد وزيد فيه مرةً بعد أخرى، وما زيد فيه صحَّ الطواف فيه، فكان المسعى أولى.

واستدل المؤلف بقوله تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: ١٢٥] أن التطهير يشمل التطهير من الأرجاس المعنوية والحسّية، ويقتضي كذلك أن يكون الموضع بحيث يسعهم، وتوسعة المسجد هي نفسها توسعةٌ للمطاف. وردّ على شبهة من توقَّف عن تأخير مقام إبراهيم، واختصر الكلام الذي قاله في رسالته "مقام إبراهيم". وانتقل بعد ذلك إلى حكم توسعة المسعى، وقال إنه مثل توسعة المطاف، فإن أمر الله سبحانه بالسعي بين الصفا والمروة يوجب تهيئةَ موضعٍ يسعى الناس فيه يكون بحيث يكفيهم، وعدمَ الاقتصار على ما كان يكفي الناسَ في الماضي وضاق بهم الآن، وإذا وُسِّع الآن بحيث يكفي الناسَ فقد يجيء زمانٌ يقتضي توسعتَه أيضًا.

وقد صدق ظنُّ المؤلف، فقد جاء هذا العصر الذي ازدحم الناس فيه للحج والعمرة، وضاقت التوسعة الأولى للمسعى، واضْطُرَّ إلى التوسعة