الثانية التي عُمِلت في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله، وعادَ الكلام من جديد في هذا الموضوع وخالفَ بعض العلماء وكتبوا فيه، وسيزول الخلاف بمرور الأيام، ولا يبقى له أثر في المستقبل إن شاء الله.
وقد استعرض المؤلف بعض التغييرات التي حصلت للمسعى في بعض جهاته فيما مضى، ونقل من كتب التاريخ نصوصًا تدل على ذلك، وذكر إشكال القطبي أن السعي بين الصفا والمروة من الأمور التعبدية، ولا تُعتبر تلك العبادة إلا في ذلك المكان المخصوص الذي سعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه، ثم أورد جواب القطبي عنه أن المسعى في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عريضًا، وبُنِيت الدُّور بعد ذلك في عرض المسعى القديم، فهدمها المهدي وأدخل بعضها في المسجد الحرام، وترك بعضها للسعي فيه، ولم يُحوِّل تحويلًا كليًّا، وإلّا لأنكره علماء الدين.
رد المؤلف على القطبي قوله:"إن المسعى كان عريضًا، فبُنِيت فيه الدور"، وقال: إن المسعى لو كان محدَّدًا لبَعُد أن يجترئ الناس على البناء فيه، ويُقِرَّهم العلماء والأمراء. ولو صحَّ قول القطبي لدلَّ إقرار أهل العلم للمهدي أنهم يرون جواز توسعة المسعى من الجانب الآخر، فيرون أنه إذا ضاق ما أبقاه المهدي بالناس أمكن توسعة المسعى من الجهة الأخرى، فهذا أيضًا يدل على جواز التوسعة عند الحاجة.
واستشهد بقول عمر بن الخطاب للذين نازعوا في بيع دورهم لتوسعة المسجد:"إنما نزلتم على الكعبة فهو فِناؤها، ولم تنزل الكعبة عليكم" على أن ما حول الكعبة هو من اختصاصها، وكذلك ما بين الصفا والمروة من اختصاصهما، فإذا جُعِل بعضُه مسعًى صار مسعًى يصح السعي فيه، وبقي