للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: قال الحافظ في "الفتح" (١): [ولم يقع في رواية يحيى]: "مستدبر القبلة" أي الكعبة، كما في رواية عبيد الله بن عمر؛ لأن ذلك من لازمِ مَن استقبل الشام [بالمدينة، وإنما ذكرت في رواية عبيد الله] للتأكيد والتصريح به.

[ص ٦] وقد يورد على ما تقدم أمور:

الأول: أن الأئمة فهموا من رواية يحيى مثل ما يُفهَم من رواية عبيد الله ففي "الموطأ" (٢): "الرخصة في استقبال القبلة لبول أو غائط"، وذكر رواية يحيى.

وذكر الشافعي في كتاب اختلاف الحديث (٣) رواية يحيى، واحتج بها على الرخصة في البيوت، وقال البخاري في "الصحيح" (٤): "باب من تبرَّز على لبنتين"، ثم ذكر رواية يحيى، ولفظ التبرز ظاهر في التغوط، ثم قال: "باب التبرز في البيوت"، وذكر القصة من الوجهين.

الأمر الثاني: ما ذكرته من أن مَن بالمدينة إذا استقبل بيت المقدس تمامًا لم يكن مستدبر الكعبة تمامًا، بل يكون متحرفًا عنها إلى جهة المشرق= صحيح في نفسه، ولكن قد يقال: لا أثر له، أما على القول بالتوسعة في القبلة، فأهل المدينة قبلتهم في الجنوب كله؛ لأن البيت جنوبهم، كما دل عليه


(١) (١/ ٢٥٠).
(٢) (١/ ١٩٣).
(٣) مع "الأم" (١٠/ ٢٢٠).
(٤) مع "الفتح" (١/ ٢٤٦، ٢٥٠).