للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحديث الذي صححه الترمذي (١) وغيره: "ما بين المشرق والمغرب قبلة".

بل في حديث أبي أيوب في هذا الباب: "ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا".

فدل على أن التحرف اليسير لا يكفي، بل لابد أن تكون القبلة عن يمين قاضي الحاجة أو يساره، والتحرف الحاصل لمن بالمدينة عند استقباله بيت المقدس ليس بهذا القدر، ولا قريب منه.

وأما على القول: بأن القبلة هي البيت نفسه، وأنه يضرُّ في الصلاة التحرف اليسير إذا عرف، فقد يقال: لا يلزم من القول بذلك في الصلاة أن يقال به في قضاء الحاجة، وقد ثبت في قضاء الحاجة قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: "ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا".

وعلى تسليم اللزوم، فإنما ذلك عند ظن التحرف، ومثل ذاك التحرف ــ أعني تحرُّفَ مَن بالمدينة عن الكعبة إذا استقبل بيت المقدس ــ إنما يحصل به الظن لمن عرف الحساب ونحوه، وبنى عليه، وقد قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: "نحن أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب ... " الحديث. والظاهر عند عدم الحساب أن المدينة بين مكة والقدس، من استقبل أحدهما استدبر الآخر.

الأمر الثالث: أن تجويز أن يكون عبيد الله إنما سمع القصة باللفظ الذي رواه يحيى، ولكنه تصرف فيها التصرف المذكور، يؤدي إلى سقوط الثقة بالأحاديث التي يحتمل أنها رُوِيتْ بالمعنى، وهي غالب السنة.

[ص ٧] قال عبد الرحمن:

أما الأمر الأول؛ فأرى أن الأئمة لاحظوا ما دلَّ عليه كلام ابن عمر من أن


(١) رقم (٣٤٤).