للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: وهذا الموقوف له حكم المرفوع؛ لأنه مما لا يُقال بالرأي.

وفي كتاب ابن وضاح (١) عن حذيفة رضي الله عنه: «أنه أخذ حجرين فوضع أحدهما على الآخر ثم قال لأصحابه: هل ترون ما بين هذين الحجرين من النور؟ قالوا: يا أبا عبد الله! ما نرى بينهما من النور إلَّا قليلًا، قال: والذي نفسي بيده لتظهرنَّ البدع حتى لا يُرى من الحق إلا قَدْر ما بين هذين الحجرين من النور، والله لتفشُونَّ البدع حتى إذا تُرِكَ منها شيء قالوا: تُرِكت السنة ... ». وهذا الموقوف له حكم المرفوع أيضًا؛ لأنه لا مجال للرأي فيه.

ومن أعظم مزايا السلف: ما نبَّه عليه ابن الحاج (٢) رحمه الله, قال ما معناه: كان في عهد السلف إذا ابتدعت العامّة بدعة قام العلماء في إبطالها، وأما علماء الخلف فإنهم إذا ابتدع أحد من العامَّة والأمراء والأغنياء بدعةً قام العلماء في الترغيب فيها والانتصار لها وتوجيهها.

أقول: وقد صدق وبرَّ، ومَن أراد من أمرائنا وأغنيائنا فليجرِّب بأن يُحْدِثَ بدعة، ثم يستعين بالعلماء والمتصوِّفين فسيجدهم أسرع ما يكون إلى الترغيب فيها وتحريف الكتاب والسنة في سبيل تحسينها وتضليل أو


(١) ما جاء في البدع ١٢٤ ح ١٦٢.
(٢) أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد العبدري القبيلي الفاسي المالكي المشهور بابن الحاج، من تصانيفه: «المدخل إلى تنمية الأعمال»، قال فيه ابن حجر: (كثير الفوائد، كشف فيه عن معايب وبدعٍ يفعلها الناس)، توفي سنة ٧٣٧ هـ. انظر: الدرر الكامنة ٤/ ٣٥٥ - ٣٥٦. ولم أقف على هذا النقل في المدخل.