تكفير مَن قد يتعرّض لردِّها، [٤٨] ولعلَّ الأعلم الأتقى منهم هو الذي يُلزم نفسه السكوت، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.
وبهذا هلكت الأمم السابقة، وقد قصّ الله تعالى في كتابه عن اليهود والنصارى ما فيه أعظم العبر.
وفي الكتب الموجودة بيد اليهود والنصارى الآن ويسمونها بالتوراة أشياء كثيرة من هذا القبيل، وأما النصرانية فمَن تتبع تاريخها منذ رفع عيسى عليه السلام تبيَّن له أنه كان لا يزال في القرون الأولى عارفون بالحق، ولكنهم مغلوبون على أمرهم، وكانت العامَّة والملوك والأئمة المضلُّون يحدثون المقالات فيجدون من العلماء والرهبان مَنْ ينصرها، ويكفّر أو يضلِّل مَنْ يخالفها، وهذا حال جميع الأمم.
وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود أن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال:«ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريُّون وأصحابٌ يأخذون بسنته ويقتدون بأمره. ثم إنها تخلف من بعدهم خلوفٌ يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمَنْ جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومَنْ جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردلٍ»(١).
[٤٩] وفي الصحيحين وغيرهما عن أبي سعيد الخدري عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «لتتبعن سنن مَن كان قبلكم شبرًا بشبرٍ، وذراعًا بذراعٍ، حتى لو دخلوا جحر ضبٍّ تبعتموهم»، قلنا: يا رسول الله! اليهود
(١) مسلم، كتاب الإيمان، بابٌ النهي عن المنكر من الإيمان، ١/ ٥٠ - ٥١، ح ٥٠. [المؤلف]