للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا ولا آمَنُ أن يكون زاغ نظري عن حديث أو حديثين آخرين (١)، ولا أن يكون لعراك عن أبي هريرة شيء آخر في غير "مسند أحمد" (٢)، ولكن هذا كافٍ فيما أريده، وهو أن عراكًا إنما أدرك من السماع والضبط قبل وفاة أبي هريرة بيسير، فإن أبا هريرة مع كثرة حديثه كان يبذل نفسه للحديث، ويكثر من التحديث، وكان يكون تارةً هو الإمام فيخطب الناس ويحدِّثهم، وتارةً يكون الإمام غيره فيقوم أبو هريرة عند المنبر قبل أن يخرج الإمام فيذكِّر ويحدِّث.

فلو قيل: إن عراكًا إنما سمع من أبي هريرة وضبط عنه في مجلس أو مجلسين قبيل وفاته، لما كان بعيدًا؛ إذ لو أدرك مدةً طويلة من حياة أبي هريرة لكثرت روايته عنه.

[ص ٧] وأما الشرط الثالث: فلو تحقق الشرط الثاني لتحقق هذا، فإن عراكًا كان مع عائلته بالمدينة، فمدارُ الكلام عند التحقيق إنما هو على الشرط الثاني.

فإن قيل: إنما مدار اشتراط العلم باللقاء وعدمه إنما هو على أن المحدث إذا روى عن رجل ولم يصرح بالسماع، هل يكون الظاهر السماع؟ قد اتفقوا على أنه إذا تحقق اللقاء ولو مرةً كان الظاهر في كل ما يحدث به الراوي عن ذلك الشيخ السماع، وإن عُلِم أن تلك اللُّقية لا تَسَعُ تلك الأحاديث كلها، بل يشمل كلامهم ما لو قال الراوي: كنت جالسًا مع


(١) رحم الله المؤلف، فلم يفته شيء مما في "المسند" من هذا الطريق.
(٢) يراجع لأحاديث عراك عن أبي هريرة في غير "المسند": "إتحاف المهرة" (١٥/ ٣٦٧ ــ ٣٦٩).