تقدَّم في العمر ضعف حفظه. ولموافقتها ــ أعني رواية ابن عيينة عن سعد ــ لمرسل عطاء، والظاهر أنه إنما سمعه من سعد كما تقدم عن ابن عيينة، ولرواية عبد ربه ويحيى أخوي سعد، وهما أجلُّ من سعد، ولاسيما يحيى، فإن ابن عيينة عَدَّه في محدثي الحجاز الذين يجيئون بالحديث على وجهه.
وعلى هذا، فالظاهر أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إنما سأل عن تينك الركعتين خشيةَ أن تكونا مما لا يجوز صلاته في ذلك الوقت، فلما ذكر الرجل أنهما ركعتا الفجر لم يُصلِّهما قبل الفريضة فقد أدركهما حينئذٍ سكت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فدلَّ سكوتُه على الجواز، كما فهمه عطاء والشافعي وغيرهما.
الاحتمال الثاني: أن يقال: لا منافاة بين قوله: "ما هاتان الركعتان؟ " وبين قوله: "أصلاة الصبح مرتين؟ "، فلعله - صلى الله عليه وآله وسلم - جمع بين اللفظين.
فأما قوله:"أصلاتان معًا؟ " فهو محتمل لأن تكون بمعنى: "أصلاة الصبح مرتين؟ ".
وأما ما في رواية الدراوردي:"صلاة الصبح ركعتان" فهو قريب من ذلك، مع أن الدراوردي ليس بالحافظ.
وعلى هذا الاحتمال فيكون قد قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: "أصلاة الصبح مرتين؟ " وهذا يحتمل وجهين:
الأول: إبقاؤه على ظاهره، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يعلم أن راتبة الصبح محلها قبلها، والغالب أداؤها كذلك، فلما رأى الرجل صلَّى بعد الصبح ركعتين جوَّز أن يكون إنما أعاد الصبح، فأنكر عليه ذلك، فلما أخبره بأنه لم يُصلِّ الصبح مرة أخرى، وإنما تداركَ الراتبة، سكت عنه.