[ق ١٢] وهكذا ينبغي أن تكون الحال في كل ثقةٍ عُرِف بالتدليس، فأما من يُدلِّس بدون أن يدلَّ على أنه يُدلِّس فالظاهر أن ذلك يَخدِش في عدالته.
والمقصود أن اعتياد ابن جريج أن يقول:«قال فلان» ولم يسمع من فلان بعد أن بيَّن أنه قد يقول ذلك فيما لم يسمعه، لا يستلزم أن يلبس شيئًا من كلامه بالحديث؛ ليحسب من الحديث.
وإن أراد أن ابن جريج زادها على وجه التفسير بحسب اعتقاده، كما يقع كثيرًا من أهل العلم، يذكر الرجل الآية، ثم يُتبِعها بشيء من عنده على وجه التفسير، وكذلك في الأحاديث، وقد بيَّن علماء الحديث نوع المدرج، وأن غالبه يكون على هذه الوجه= فيرُدُّه أن العادة في مثل هذا أن الشيخ إذا تكررت روايته للحديث إنما يتفق الإدراج في بعض الروايات، وبقية الروايات إما أن تسكتَ عنه، وإما أن تُفصِّل، فتُميِّز الحديثَ من كلام الشيخ.
وهذا الحديث قد روي عن ابن جريج من أوجهٍ كما علمتَ، وتلك الجملة متصلة بالقصة فيها كلها.
فالظاهر أنه إن كان هناك إدراج فهو من عمرو بن دينار؛ لأنه هو الذي تعددت عنه الروايات، ولم تقع الجملة المذكور إلا في رواية ابن جريج. فإن قيل بذلك، دُفِع بأن الإدراج خلاف الأصل، إذ الغالب مِن حال الثقة الضابط أنه إن أراد أن يُتبِعَ الحديثَ بشيء من عنده فصَّل ذلك وبيَّنه. وابن جريج إمام فقيه متقن، وهو بلديُّ عمرو، ولازمه مدةً، فمن البعيد أن يشتبه عليه الأمر في هذا بأن تكون تلك الجملة من كلام عمرو، فيحسبها ابن جريج من الحديث، ويستمرَّ عليه الوهم.