والحاصل: أن انفراد رواية ابن جريج بذكر تلك الجملة دون بقية الرواة عن عمرو ودون بقية الرواة عن جابر يُشعِر بالإدراج، والأصل المذكور ــ أي أن الغالب من حال العدل الضابط أن لا يُتبِع الحديثَ بشيء من كلامه بدون فصل أو بيان، والغالب من حال الفقيه المتقن التمييز بين ما يذكره الشيخ على أنه من الحديث، وما يزيده من عنده في الحديث ــ يُنافي الإدراجَ. فالميزان الترجيح بين هذين.
وقد يُرجَّح عدم الإدراج:
أولًا: بأن الإدراج في الأصل خلاف الظاهر الغالب، فلا يُصار إليه إلا بحجة واضحة، ولا يكفي ما يوقع في الشكّ والتردّد.
وثانيًا: لا يُستغرب أن ينفرد ابن جريج بالزيادة عن عمرو، فإنه بلديُّه , قديم السماع منه، وهو فقيه يعقل قيمة هذه الزيادة فيعتني بحفظها، فأما من ليس بفقيه فقد يرى أن من صلَّى صلاة صحيحة ثم أعادها، لا يتصور فيه إلا أن تكون الأولى فرضه، والثانية نافلة، فيتوهم أن الزيادة المذكورة لا حاجة إليها.
وقد قال الشافعي (١): أخبرنا إبراهيم بن محمد عن ابن عَجْلان عن عبيد الله بن مِقْسَم عن جابر أن معاذ بن جبل كان يُصلِّي مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - العشاءَ، ثم يرجع إلى قومه فيصلِّي بهم العشاء، وهي له نافلة.
وإبراهيم بن محمد هو ابن أبي يحيى الأسلمي، كذَّبه جماعة، وكان الشافعي يُوثِّقه في حديثه، وكذلك وثَّقه ابن الأصبهاني، وقوَّاه ابن عُقدة