للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: أن يكون مسلم جزم بأن في رواية قتيبة تقصيرًا محضًا، لا يلزم منه اختلاف.

وفي «جامع الترمذي» (ص ٧٥) (١): باب ما ذُكِر في الذي يُصلِّي الفريضة ثم يؤمُّ الناسَ بعد ما صلَّى: حدثنا قتيبة حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله: أن معاذ بن جبل كان يُصلِّي مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - المغربَ، ثم يرجعُ إلى قومه فيؤمُّهم».

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أصحابنا: الشافعي وأحمد وإسحاق، قالوا: إذا أمَّ الرجلُ القومَ في المكتوبة وقد كان صلّاها قبل ذلك، أن صلاة من ائتمَّ به جائزة، واحتجوا بحديث جابر في قصة معاذ، وهو حديث صحيح، وقد رُوِي من غير وجهٍ عن جابر ...

أقول: يظهر أن الترمذي يخالف مسلمًا في هذا الحديث؛ فمسلم يرى أن حديث قتيبة هو حديث أبي الربيع نفسُه، وعنده فيما يظهر أن حماد بن زيد إنما روى عن أيوب عن عمرو بلفظ أبي الربيع، وأن كلمة «العشاء» صحيحة في الحديث، وإن لم تقع في رواية سليمان بن حرب وعارم، وأن قتيبة قصَّر في الإسناد، ووهم في قوله: «المغرب» بدل «العشاء».

وأما الترمذي فيرى ــ فيما يظهر ــ أن حديث قتيبة غير حديث أبي الربيع، وأن حماد بن زيد سمع الحديث من عمرو بن دينار، كما رواه قتيبة، وفيه «المغرب»، وسمعه من أيوب عن عمرو، كما رواه سليمان بن حرب وعارم، أو بزيادة «العشاء» كما قال أبو الربيع.


(١) (٢/ ٤٧٧ تحقيق أحمد شاكر)، ورقم الحديث (٥٨٣).