للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نعم ذكر ابن إسحاق (١) في غزوة بني لِحْيان أن بني لحيان تحصَّنوا من المسلمين، فقال المسلمون: لو أنّا هبطنا عُسْفانَ لرأى أهلُ مكة أنّا قد جئنا مكة، فخرج ــ يعني النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ــ في مائتي راكب من أصحابه حتى نزل عُسْفان، ثم بعث فارسَيْنِ من أصحابه حتى بلغا كُراع الغَمِيم، ثم كرَّا، ورجع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قافلًا.

فيحتمل أن قريشًا لما بلغهم خروج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأصحابه إلى بني لِحْيان، ثم نزول عسفان، خافوا ــ كما ظنَّه المسلمون ــ أن يكون قاصدًا مكة، فبعثوا خيلَهم وعليها خالد لترقب ما يفعله المسلمون، وتقاربوا ولم يكن قتال، والله أعلم بحقيقة الحال.

هذا، وقد اختلف في غزوة ذات الرقاع: أهي غزوة مُحارِب خَصَفة، أم غيرها؟ فأكثر أهل المغازي على الأول، وزعم الواقدي أنها غيرها، وتبعه القطب الحلبي في «شرح السيرة»، ذكره الحافظ في «الفتح» (٢).

واختلف أيضًا في غزوة ذات الرقاع: فقال موسى بن عقبة: لا ندري كانت قبل بدر، أوبعدها، أو قبل أُحُد أو بعدها.

قال ابن حجر (٣): الذي ينبغي الجزم به أنها بعد غزوة بني قريظة؛ لأنه تقدم أن صلاة الخوف في غزوة الخندق لم تكن شُرِعتْ، وقد ثبت وقوع صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع.


(١) انظر «سيرة ابن هشام» (٢/ ٢٨٠).
(٢) (٧/ ٤١٨).
(٣) في «الفتح» (٧/ ٤١٧).