للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: لم أجد نصًّا في أن صلاة الخوف لم تكن قد شرعت في الخندق، إلا ما جاء عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه ذكر تأخير النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الصلاة يوم الخندق، ثم قال: «وذلك قبل أن يَنزِل في القتال ما نزل» (١).

وقد بيَّنه في رواية أخرى، قال: «وذلك قبل أن ينزل صلاة الخوف {فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}». راجع «مسند أحمد» (٣/ ٢٥) (٢).

فيحتمل أنهم في الخندق لم يكونوا متمكنين من الصلاة جماعة على ما في آيات النساء: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ ... } مع ما بينه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وإنما كانوا متمكّنين من الصلاة على ما في قوله تعالى في سورة البقرة: {فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}، وإذا كان هكذا لم يكن في حديث أبي سعيد ولا قصة الخندق [ق ١٩] دليل على أن صلاة الخوف لم تكن قد شُرعتْ، وإنما في ذلك دليل على أنه لم يكن قد شُرع هذا القدر منها، وهو الذي تضمَّنه قوله تعالى: {فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}.

والصلاة في ذات الرقاع كانت جماعة على ما بيَّن به النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - آية النساء.

وعلى هذا، فليس فيما ذُكِر دليلٌ على تأخر ذات الرقاع عن الخندق، وما اتصل به من أمر بني قريظة.


(١) أخرجه أحمد في «المسند» (١١١٩٨) والنسائي (٢/ ١٧) وابن خزيمة (٩٩٦، ١٧٠٣) وغيرهم. وإسناده صحيح.
(٢) رقم (١١١٩٩).