للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلَّى بطائفةٍ ركعةً ثم ثبت قائمًا، وأتمُّوا لأنفسهم وذهبوا، وجاءت الطائفة الأخرى فصلَّى بهم ركعةً، وثبتَ جالسًا حتى أتمُّوا لأنفسهم، ثم سلَّم.

وإنما تجوَّز الراوي فاعتبرَ ثباتَ الإمام قائمًا حتى صلَّت الطائفة الأولى ركعتها الثانية، ركعةً تابعة له أي الإمام، وكذلك اعتبر ثباته جالسًا حتى صلت الطائفة الثانية ركعتها ركعة أخرى له.

فالحاصل: أن الإمام صلّى بالطائفة الأولى ركعة على الحقيقة، وانتظرها حتى صلَّت ركعة أخرى، فكان كأنه صلَّى ركعة أخرى، فتكون له ركعتان بهذا التجوُّز. ثم صلَّى بالطائفة الثانية ركعةً على الحقيقة، ثم انتظرها حتى صلَّت ركعة أخرى، فكان كأنه صلَّى ركعة أخرى. وأما زيادة «ثم سلَّم» في الوسط فتجوُّزٌ أيضًا، والمعنى أن الطائفة الأولى سلَّمت لأنفسها، فأضيف ذاك السلام إلى الإمام.

أقول: لا يخفى ما في هذا التأويل من البعد، مع أنه لا مُلْجِئَ إليه؛ لأن الرباعية تتكرَّر في اليوم ثلاث مرات، وقد يُحتاج في الغزوة الواحدة إلى صلاة الخوف في يومين وأكثر.

والظاهر أن الصلاة التي صلّاها بنخلٍ ركعتين ثم ركعتين هي الظهر كما في رواية الشافعي وغيرها، وأن الصلاة التي صلّاها كما في رواية صالح بن خوّات عمن شهد هي العصر، وقد جاء مثلها عن جابر كما تقدم، ورواية قتادة عن سليمان بن قيس تُؤيِّد ذلك، وقد تقدَّم البحث فيها.

وهبْ أنه لا دليلَ على هذا، فهو على الأقلّ محتملٌ احتمالًا ظاهرًا، وإذا كان كذلك فلا مُلجِئَ إلى ما ادّعاه هذا الإمام من حمْلِ الكلام على التعمية والإلغاز. والله الموفق.