وقد يجاب: بأن في رواية قتادة عن سليمان بن قيس أن تلك الصلاة كانت قبل نزول آية النساء في صلاة الخوف، وأن الآية نزلت بعدها، وعلى هذا فهذه الصفة منسوخة.
أقول: قد تقدَّم الكلام على رواية قتادة عن سليمان، وأن قتادة مدلِّس، فيجوز أن يروي عن سليمان ما سمعه من غيره مما ليس في الصحيفة، وعلى فرض أنه إنما يروي عنه من تلك الصحيفة، ففي جواز الاحتجاج بما في الصحيفة وحده نظر، مع أن اعتماد جماعة من الأكابر عليها يُقوِّي شأنها، ولكن الذي يظهر من اعتمادهم عليها إنما هو في الرواية، ولم يتبين اعتمادهم عليها في الاحتجاج.
فأما فتوى الحسن بصلاة الخوف مرتين بكل طائفة مرة، فلعله إنما اعتمد في ذلك على روايته عن أبي بكرة، ولعل روايته عن جابر لم تكن عن الصحيفة، بل عن طريق غيرها، كما يظهر من زيادته في روايته:«ثم سلَّم»، وليس ذلك في رواية أبي بشر وقتادة، حتى إن قتادة لما أراد [أن] يروي بزيادة «ثم سلَّم» رواه عن الحسن عن جابر، كما مر.
وقد تقدم أن رواية مجاهد عن أبي عيّاش الزُّرَقي معارضة لرواية قتادة عن سليمان في تاريخ نزول الآية، وإن لم يتضح التاريخ، وأن البخاري رجَّح تأخُّر غزوة ذات الرقاع، فتكون على هذا قصة جابر متأخرةً عن قصة أبي عيّاش، وكذلك رواية أبي بكرة، إن صحّ ما في بعض الروايات أنه شهد تلك الصلاة مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فهي متأخرة عن نزول الآية [ق ٢٣] حتمًا، وإلا فالأمر محتمل.