للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا، وقد نصّ في هذا الحديث على قوله: «وإذا صلّى جالسًا فصلُّوا جلوسًا» فبيَّن أن هذا من الائتمام الذي شُرِعت له الإمامة، وعندكم أن هذا منسوخ، وقال جماعة منهم أبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي: إن الإمام إذا صلَّى قاعدًا لعذرٍ وجب على المأموم إذا لم يكن معذورًا أن يصلِّي قائمًا، ولا يخفى فُحْشُ المخالفة في هذا.

واتفقوا على صحة اقتداء المتنفل بالمفترض مع اختلاف النية، وهو مخالف قطعًا لهذا الحديث، لو كان شاملًا للائتمام في النية على ما قلتم في اقتداء المفترض بالمتنفل.

واتفقوا على أن من المخالفة في بعض ما نصّ عليه في التفصيل ما لا يبطل الصلاة ولا القدوة، حتى ولو كانت لغير عذر، فما لم ينصّ عليه أولى.

فغاية الأمر أن يكون اقتداء المفترض بالمفترض أولى من اقتدائه بالمتنفل؛ لمخالفته له في بعض النية، فإن كان لعذر ما فلا حرج، وبهذا تتفق الأدلة بدون حاجة إلى نسخ، ولا فسْخٍ.

هذا، وفي «الفتح» (١): عن ابن حبان أن القصة التي في هذا الحديث ــ وهي أنه - صلى الله عليه وآله وسلم - جُحِش شِقُّه الأيمن، فصلَّى جالسًا، فصلّى وراءه قوم قيامًا، فأشار إليهم أن اجلسوا، فلما سلّم قال: «إنما جُعِل الإمام ليؤتمَّ به ... » ــ كانت في ذي الحجة سنة خمس. وعلى هذا فهي متقدمة على صلاته في الخوف بطائفةٍ ركعتين، ثم بطائفةٍ ركعتين، لأنها كانت بنَخْلٍ في غزوة محارب وثعلبة، وهي ذات الرقاع، فإن البخاري اختار أنها كانت بعد خيبر،


(١) (٢/ ١٧٨). وانظر «صحيح ابن حبان» (٥/ ٤٩٢).