للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى هذا، فكان معاذ ومن خفَّ من بني سلمة يشهدون المغرب مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ثم يأتون بني سلمة وهم يبصرون مواقع النَّبل، فيصلِّي معاذ بالذين تأخَّروا، ثم يتأخَّر في شغلٍ إن كان له، ثم يَخِفُّ هو وجماعة فيشهدون العشاء مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ثم يرجعون إلى بني سلمة، فيصلي معاذ العشاء بالذين تأخروا.

فإن قيل: وكيف يؤخِّر المتأخرون المغرب هذا التأخير؟

قلت: وأيُّ تأخيرٍ إذا كان معاذ يأتيهم والرامي يرى موقع سهمه؟ ! والظاهر أنه كان إذا اتفق أن يتأخر أكثر من ذلك قدَّموا غيره.

هذا كله إذا بنينا على أن معاذًا كان يصلِّي المغرب مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ثم يعود فيصلِّيها بقومه، كما اقتضاه حديث الترمذي وعمومُ غيره من الروايات، كما تقدم.

فأما إذا وافقنا مسلمًا على أن في حديث قتيبة وهمًا، وأن الصواب كما رواه أبو الربيع، وأخرجنا المغرب من عموم الروايات العامة، أو حملناها كلها على خصوص العشاء= فأيُّ مانع من أن يكون معاذ كان يعتاد عدم الرجوع إلى قومه بعد المغرب، أو أيُّ مانع من أن يكون كان يعود إليهم، ثم يرجع إلى مسجد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لصلاة العشاء، ثم يعود إلى قومه؟ فقد كان معاذ شابًّا نشيطًا حريصًا على الخير، فلا وجه لأن نقيسه على أنفسنا في عجزنا وكسلنا. ولم يكن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يعجِّل العشاء تعجيلنا.

ومع هذا، فإن ما ذهب إليه من توهيم الرواة يلزم منه وهمهم جميعًا، فإن الروايات على كثرتها ليس فيها رواية واحدة تحتمل ما قاله احتمالاً قريبًا. حتى رواية قتيبة عند الترمذي، فإن ظاهرها ما فهمه الترمذي، بل لا