للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: أما الحمل على ما هو أعمُّ من النفل والفرض فيُبطِله السياق، بل المتعين: "تُوتِر له ما قد صلَّى" أي من صلاة الليل التي الكلام فيها.

وأما تأييده بحديث أبي أيوب فقد علمتَ ما في حديث أبي أيوب، وكذا ما رُوي عن بعض الصحابة كما مرَّ آنفًا.

وقد ورد النهيُ عن البُتَيراء كما أشار إليه في "الفتح" (١). وفيه: أن الطحاوي (٢) حملَ البتيراء على إفراد ركعةٍ واحدةٍ وإن سبقها شَفْعٌ. قال الحافظ (٣): مع احتمال أن يكون المراد بالبتيراء أن يُوتِر بواحدةٍ فردةٍ ليس قبلها شيء.

وقد يطلق الوتر على صلاة الليل، كما نقله بعضهم عن الطيبي (٤). ومن ذلك حديث أحمد وأبي داود (٥) عن عائشة، وقد سبق، وإسناده صحيح كما مرّ. وفيه: "ولم يكن يُوتِر بأنقصَ من سبعٍ، ولا بأكثر من ثلاثَ عشرةَ". والمراد بالوتر في هذا الحديث مطلق صلاة الليل كما مرَّ في الإطلاق الأول، فلا ينافي ما ثبتَ أنه كان يُوتِر بواحدةٍ وبثلاثٍ وبخمسٍ، إذ هذا من الإطلاق الثالث، فالمراد بالسبع إلى الثلاث عشرة صلاة الليل، مع قطع النظر عن الوصل والفصل، والمراد بالواحدة واحدةٌ سبَقَها شَفْعٌ سِتٌّ فأكثر، وبالثلاث ثلاثٌ سبقها شَفْعٌ أربعٌ فأكثر، وبالخمس خمسٌ سَبقَها شَفْعٌ


(١) (٢/ ٤٨٦).
(٢) في "شرح معاني الآثار" (١/ ٢٧٩).
(٣) في "الفتح" (٢/ ٤٨٦).
(٤) بعده بياض في الصفحة.
(٥) "المسند" (٢٥١٥٩) وأبو داود (١٣٦٢).