للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال في "الفتح" (١): قوله: "يوترون بثلاث، وإن كلًّا لواسعٌ" يقتضي أن القاسم فهم من قوله: "فاركَعْ ركعةً" أي منفردةً منفصلةً، ودلَّ ذلك على أنه لا فرقَ عنده بين الوصل والفصل في الوتر. والله أعلم. هـ

فإنهما ذكَرا حديثهما لمجرد إفادة وقوع الفصل من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -. وأما فعل الصحابي فلا حجة فيه كما لا يخفى، على أن أكثر ما رُوي من ذلك محتمل.

فإن قيل: سلَّمنا هذه الاحتمالات، ولكن ظاهر هذه الأحاديث لا يأبى جواز الاقتصار على ركعة، ومثل هذا الظاهر يُكتفَى به ما لم يُعارضه ما هو أقوى منه.

قلت: فقد عارضه ما هو أقوى منه في ذلك، حديث الصحيحين (٢): "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدُكم الصبحَ صلَّى ركعةً واحدةً تُوتِر له ما قد صلَّى".

قال في "الفتح" (٣): واستُدِلَّ به على تعيُّنِ الشَّفْع قبل الوتر، وهو عن المالكية بناءً على أن قوله: "ما قد صلَّى" أي من النفل. وحملَه من لا يشترط سبقَ الشَّفْع على ما هو أعمُّ من النفل والفرض، وقالوا: إنَّ سبْق الشَّفْع شرطٌ في الكمال لا في الصحة. هـ

ثم أيَّده بحديث أبي أيوب وما رُوي عن بعض الصحابة.


(١) (٢/ ٤٨٥).
(٢) البخاري (٩٩٠) ومسلم (٧٤٩) عن ابن عمر.
(٣) (٢/ ٤٨١).