للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلتُ: فواقعةُ سعيد بن يسار كانت في حالة السير، كما يدلُّ عليه قوله: "ثم لَحِقتُه"، وقوله: "فقال: أين كنت؟ "، وذلك يدلُّ أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يوتر عليها في حالِ السير.

وأما قوله: "على أن جواز أدائها على الراحلة من خصائصه أيضًا"، فهو مردود بما قلنا، ولنا أدلة أخرى على عدم وجوب الوتر عليه - صلى الله عليه وآله وسلم -، ربما نُشير إليها في المقالة الثانية.

وأما ما رواه البخاري (١) عن نافع "أن ابن عمر كان يُسلِّم بين الركعة والركعتين في الوتر"، فإنه وإن كان ظاهره إيقاع الوتر على الثلاث المفصولة، فليس لكم فيه دليل:

أولًا: أنه أطلق ذلك؛ لأن الناس كانوا يُوترون بثلاث، كما في البخاري (٢): "قال القاسم: ورأينا أناسًا منذُ أدركنا يُوترون بثلاث". وحكاه مالك (٣) عن عمل أهل المدينة وإن لم يأخذ به، فصار عندهم لكثرة فعل الوتر ثلاثًا يتبادر منه عند الإطلاق تلك الثلاث حتى كأنه خاص بها، فلذلك عبَّر به نافع مع وجود الفصل.

ثانيًا: أن قوله: "في الوتر" ليس معناه: في وتره، وإنما معناه: في الثلاث التي تُوتِر الناسُ بها.


(١) رقم (٩٩١).
(٢) رقم (٩٩٣).
(٣) في "الموطأ" (١/ ١٢٥).