للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثالثًا: روى الطحاوي (١) من طريق سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أنه كان يَفصِل بين شَفْعِه ووترِه بتسليمةٍ، ذكره في "الفتح" (٢). وعامة الأحاديث والآثار على هذا كما شرحنا، مع أن غاية ما في قول نافع أن يكون أثرًا عن تابعي، فلا حجة فيه على كل حال.

وأما جوابكم عن المبحث الثاني فلا كلامَ لنا معكم فيه هنا؛ لأنا نُوافقكم في أن الوتر ليس ثلاثَ عشرة. وأما كون ذلك صلاةَ ليلٍ فسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى.

وأما جوابكم عن المبحث الثالث، فقد مرَّ عند قولنا: "وأما حديث الشيخين عن عائشة: كان يُصلِّي من الليل عشرَ ركعاتٍ ويُوتِر بسجدةٍ ... " إلخ. ومن أصحابنا من اختار أن أكثر الوتر ثلاث عشرة ركعةً، ووافق الأكثر في عدم اشتراط الوصل. وينحصر الجواب عليه بالوجه الثالث الذي ذكرناه عن حديث ابن أبي قيس، وهو أن عامة الأحاديث والآثار مُطبِقةٌ على إطلاق الوتر الشرعي على ما صُلِّي وترًا موصولًا دون غيره، وأن الوصل لم يثبت في أكثر من تسع.

وبذلك يتعيَّن كون إطلاق الوتر في هذه الثلاثة الأحاديث مجازًا عن صلاة الليل، كما أفاده الترمذي والنسائي في حديث أم سلمة، وأشار إليه أبو داود في حديث ابن أبي قيس، وظهر لنا رجحانُه في حديث أبي هريرة.

وهذا ما اقتضاه قولُ الحق الذي أوجبه الله على كلِّ مسلمٍ على مبلغِ


(١) في "شرح معاني الآثار" (١/ ٢٧٩).
(٢) (٢/ ٤٨٢).