للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صحيح أنّ العرب قبل الإسلام كانوا يقولون يوم الجمعة. ولا سبيل إلى إثبات هذا، ولا إلى إثبات أنّ كعبًا أو قُصَيًّا سمّياه الجمعة، ولا أنّهما كانا يجمعان الناس فيه؛ وإنّما يوجد نقلُ ذلك في أخبار القُصّاص التي لا تَصلُح للاعتماد.

فالاجتماع المحقَّق في هذا اليوم هو اجتماع الناس للصلاة، وإنّما وقع ذلك في الإسلام، ولم يتحقّق أنّه قيل "يوم الجمعة" إلا في الإسلام.

على أنّه لو ثبت أنّ كعبًا أو قُصيًّا كان يجمع الناس فيه لم يلزم من ذلك تسميتُه يوم الجمعة. وقد قال السُهيلي: "وكعب بن لُؤي هذا أوّل من جمع يومَ العروبة، ولم تُسَمَّ العَروبةُ الجمعةَ إلا مُذْ جاء الإسلام في قول بعضهم. وقيل: هو أول من سمّاها الجمعة". "الروض الأُنف" (ج ١ ص ٦).

[ص ٥] أقول (١): قد بسطتُ الكلام على الحديثين وعلى تاريخ نزول سورة الجمعة في مبحثٍ مستقلّ (٢)، أفردتُه لبيان المراد بقوله: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ}، وبيّنتُ فيه أنّ الذي يظهر أنّ معظم سورة الجمعة نزل قبل إسلام أبي هريرة بمدةٍ قد لا تبلغ سنةً فيما يظهر، والله أعلم.

وعلى هذا فالّذي يظهر أن يكون التسمية وقعت بالسنة، ثم أقرّها القرآن.


(١) يبدو أنه تتمة لكلام لا يوجد هنا.
(٢) هو الكلام الذي سبق.