للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدَّعِ ولم يستشهد فلا إشكال أصلًا. والله أعلم.

والإهانة: ما يجريه الله تعالى تكذيبًا للدجّال, كما نقل أن مسيلمة الكذاب بلغه أن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم مسح بيده على رأس أقرع فنبت شعره، وتفل في بئر كان ماؤها ملحًا فعَذُب، ففعل مسيلمة مثل ذلك فازداد رأس ممسوحه قرعًا وماء بئره ملوحة (١).

وقد بقي ضرب خامس, وهو الابتلاء, أعني ما يجريه الله عزَّ وجلَّ ليبتلي به المؤمنين ويختبرهم أيغترُّون به ويركنون إليه، فيقول أحدهم: أنا وليٌّ لله تعالى محبوب له؛ بدليل أنه أجرى على يدي الكرامة، أم يثبت على ما يقتضيه (٢) الشريعة؟ وكما يكون ابتلاء لمن وقع على يده فهو كذلك ابتلاء لغيره، والله أعلم.

ومن أعظم الابتلاء أن يُمَكِّن الله تعالى الدجَّال من استعمال غرائبه في نفع مَنْ يوافقه والإضرار بمن يخالفه مع أن المخالف على الحق، ولكن ليتبين حالُ المخالف أعلى يقين هو من أمره أم لا؟ ويتبيَّن حال غيره أيعتصمون بالحجج الحقيقيَّة أم يغترُّون بتلك الظواهر؟ وفي أحوال الدجَّال الأكبر كثير من هذا, فاحفظه وتدبَّره، فإنه مهمٌّ جدًّا.

ومما يشهد له قصة لبيد بن الأعصم اليهودي في إضراره بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان ذلك سبب نزول المعوذتين (٣). والله أعلم.


(١) تاريخ الطبري ٣/ ٢٨٤ - ٢٨٥، الروض الأنف ٤/ ٢٢٥.
(٢) كذا في الأصل.
(٣) صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده ٤/ ١٢٢، ح ٣٢٦٨، ومواضع أخرى، وصحيح مسلم، كتاب الأدب، باب السحر، ٧/ ١٤، ح ٥٨٣٢.