للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«بالصَّلاة»، ولم يذكر الجمعة.

وأبو خلدة هو التابعيُّ الرَّاوي عن أنس.

نعم، قال القسطلَّاني (١): أخرجه الإسماعيلي من وجهٍ آخر عن يونس، وزاد: «يعني الظُّهر».

وأقول: لا يخفى أنَّ التبكير إلى المسجد يوم الجمعة مشروعٌ مطلقًا، فيكون الاجتماع في المسجد قبل الزَّوال، فلم يُشرع الإبراد؛ لأنَّ الإبراد إنَّما شُرِعَ ــ كما قال العلماء ــ تخفيفًا على المُصَلِّين، حتى لا يخرجوا من بيوتهم إلَّا وقد بَرَدَ النَّهار.

وقد يُجابُ عن هذا بجوابين:

الأول: أنَّه لا مانعَ أن يكون التبكير في شِدَّة الحرِّ خِلافَ التبكير في غيره.

والثاني: بمنع كون العِلَّة هي كراهة المشقَّة؛ بل العِلَّة هي كون جهنَّم تفوح حينئذٍ. وحديث «الصحيحين» (٢): «إذا اشتدَّ الحَرُّ فأَبرِدُوا، فإنَّ شِدَّة الحرِّ من فَيْحِ جهنَّم» نصٌّ على هذه العِلَّة.

وهي نفسُها العلَّة في النهي عن الصَّلاة عند الاستواء، ففي حديث عمرو بن عَبَسَة: «ثمَّ صَلِّ فإنَّ الصَّلاة مشهودةٌ محضورةٌ، حتى يَستقِلَّ الظلُّ بالرُّمح، [ص ٦] ثم أَقْصِرْ عن الصَّلاة فإنَّ حينئذٍ تُسْجَرُ جهنَّم ... » الحديث، وهو في «صحيح مسلم» (٣).


(١) «إرشاد الساري» (٢/ ١٧٤)، وقد ذكره الحافظ في «الفتح» (٢/ ٣٨٩).
(٢) أخرجه البخاري (٥٣٣) ومسلم (٦١٥) من حديث أبي هريرة.
(٣) رقم (٨٣٢).